سوف يسجل التاريخ لمنظمات المجتمع المدني العربي، نجاحها في تغيير فلسفة التعامل مع الفئات الاجتماعية، من مفهوم العمل الخيري التقليدي – رغم أهميته- إلى مفهوم أكثر إيجابية يستهدف الانطلاق نحو تحويل تلك الفئات إلى طاقة فاعلة مؤهلة للمشاركة والعطاء وقوة من قوى الاستثمار البشري في التنمية.
وغني عن القول، أن المنظمات الأهلية العربية لا تستطيع الوفاء بتحقيق أهدافها، بمعزل عن المؤسسات الحكومية العربية والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والعربية المعنية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن الشخصيات العامة العربية والعالمية تشكل سندا معنويا وأدبيا للعمل الأهلي العربي، له تأثيره البالغ على مجمل إنجازات هذا القطاع المتنامي في عالمنا المعاصر.
وبفلسفة العمل الجماعي وترسيخ مفهوم المشاركة، يستطيع المجتمع المدني العربي أن ينهض بأعباء دوره الكبير في التنمية، شريكا كاملا وقويا مع القطاعين الحكومي والخاص، ليس فقط بأنشطة هامشية وتكميلية محدودة، وإنما بمشروعات رئيسية في البناء التنموي.
من البديهي، أن مجتمعا مدنيا يتبنى هذه المعطيات فلسفة وعملا، لا يمكن أن يضطلع بأعباء ومسئوليات رسالته الإنسانية الكبرى، إلا بإعلاء القيم الرفيعة والمثل العليا، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعميق مفهوم الديمقراطية، وترسيخ مبادئ العدل الاجتماعي، لكي تمتد هذه القيم النبيلة جميعا، في نسيج الوجدان العربي العام.
والله الموفق،،
صاحب السمو الملكي
الأمير طلال بن عبد العزيز
طيب الله ثراه